كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «§وَقُرْآنًا فَرَّقْنَاهُ» قَالَ: فَرَّقَهُ: لَمْ يُنَزِّلْهُ جَمِيعَهُ. وَقَرَأَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] حَتَّى بَلَغَ {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33] يَنْقُضُ عَلَيْهِمْ مَا يَأْتُونَ بِهِ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: نُصِبَ قَوْلُهُ {وَقُرْآنًا} [الإسراء: 106] بِمَعْنَى: وَرَحْمَةً، وَيَتَأَوَّلُ ذَلِكَ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الإسراء: 105] وَرَحْمَةً، وَيَقُولُ: جَازَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ رَحْمَةٌ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ أَوْلَى، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: 39] وَقَوْلُهُ: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106] يَقُولُ: لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى تُؤَدَةٍ، فَتُرَتِّلَهُ وَتُبَيِّنَهُ، وَلَا تَعْجَلْ فِي تِلَاوَتِهِ، فَلَا يُفْهَمْ عَنْكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدٍ -[117]- الْمُكْتِبِ، قَالَ: §قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: رَجُلٌ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَآخَرُ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَرُكُوعُهُمَا وَسُجُودُهُمَا وَاحِدٌ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: الَّذِي قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَقَرَأَ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]
الصفحة 116