كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: نُصِبَتْ كَلِمَةً لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى: أَكْبِرْ بِهَا كَلِمَةً، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29] وَقَالَ: هِيَ فِي النَّصْبِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل]
وَلَقَدْ عَلِمْتُ إِذَا اللِّقَاحُ تَرَوَّحَتْ ... هَدْجَ الرِّئَالِ تَكُبُّهُنَّ شَمَالَا
أَيْ تُكِبُّهُنَّ الرِّيَاحُ شَمَالًا. فَكَأَنَّهُ قَالَ: كَبُرَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ. وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْمَكِّيِّينَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (كَبُرَتْ كَلِمَةٌ) رَفْعًا، كَمَا يُقَالُ: عَظُمَ قَوْلُكَ وَكَبُرَ شَأْنُكَ. وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ {كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف: 5] مُضْمَرٌ، وَكَانَ صِفَةً لِلْكَلِمَةَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف: 5] نَصْبًا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: عَظُمَتِ الْكَلِمَةُ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَالُوا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَالْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، كَمَا:
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، {§كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: 5] قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ
§وَقَوْلُهُ: {إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5] يَقُولُ عَزَّ ذِكْرُهُ: مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ إِلَّا كَذِبًا وَفِرْيَةً افْتَرَوْهَا عَلَى اللَّهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا

الصفحة 148