كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
§وَقَوْلُهُ {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 75] يَقُولُ: ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ إِنْ نَحْنُ أَذَقْنَاكَ لِرُكُونِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَوْ رَكَنْتَ إِلَيْهِمْ عَذَابَ الْحَيَاةِ وَعَذَابَ الْمَمَاتِ عَلَيْنَا نَصِيرًا يَنْصُرُكَ عَلَيْنَا، وَيَمْنَعُكَ مِنْ عَذَابِكَ، وَيُنْقِذُكَ مِمَّا نَالَكَ مِنَّا مِنْ عُقُوبَةٍ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76] يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ كَادَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ: يَقُولُ: لَيَسْتَخِفُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ بِهَا لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا {وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76] يَقُولُ: وَلَوْ أَخْرَجُوكَ مِنْهَا لَمْ يَلْبَثُوا بَعْدَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا، حَتَّى أَهْلَكُهُمْ بِعَذَابٍ عَاجِلٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ كَادُوا أَنْ يَسْتَفِزُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْرِجُوهُ مِنَ الْأَرْضِ وَفِي الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادُوا أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الَّذِينَ كَادُوا أَنْ يَسْتَفِزُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ، وَالْأَرْضُ الَّتِي أَرَادُوا أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْهَا الْمَدِينَةُ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: §زَعَمَ حَضْرَمِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَرْضَ الْأَنْبِيَاءِ أَرْضُ الشَّامِ، -[19]- وَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِأَرْضِ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} [الإسراء: 76] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ قُرَيْشًا، وَالْأَرْضُ مَكَّةُ
الصفحة 18