كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

§وَقَوْلُهُ {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ يُوَفِّقُهُ اللَّهُ لِلِاهْتِدَاءِ بِآيَاتِهِ وَحُجَجِهِ إِلَى الْحَقِّ الَّتِي جَعَلَهَا أَدِلَّةً عَلَيْهِ، فَهُوَ الْمُهْتَدِي. يَقُولُ: فَهُوَ الَّذِي قَدْ أَصَابَ سَبِيلَ الْحَقِّ. {وَمَنْ يُضْلِلْ} [النساء: 88] يَقُولُ: وَمَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَنْ آيَاتِهِ وَأَدِلَّتِهِ، فَلَمْ يُوَفِّقْهُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17] يَقُولُ: فَلَنْ تَجِدَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ خَلِيلًا وَحَلِيفًا يُرْشِدُهُ لِإِصَابَتِهَا، لِأَنَّ التَّوْفِيقَ وَالْخِذْلَانَ بِيَدِ اللَّهِ، يُوَفِّقْ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَخْذُلُ مَنْ أَرَادَ، يَقُولُ: فَلَا يَحْزُنْكَ إِدْبَارُ مَنْ أَدْبَرَ عَنْكَ مِنْ قَوْمِكَ وَتَكْذِيبُهُمْ إِيَّاكَ، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ هَدَيْتُهُمْ فَآمَنُوا، وَبِيَدِي الْهِدَايَةُ وَالضَّلَالُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف: 18] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَتَحْسَبُ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةَ الَّذِينَ قَصَصْنَا عَلَيْكَ قِصَّتَهُمْ، لَوْ رَأَيْتُهُمْ فِي حَالِ ضَرْبِنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي كَهْفِهِمُ الَّذِي أَوَوْا إِلَيْهِ أَيْقَاظًا. وَالْأَيْقَاظُ: جَمْعُ يَقِظٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز]

الصفحة 190