كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (§وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خَلْفَكَ إِلَّا قَلِيلًا) كَانَ الْقَلِيلُ الَّذِي لَبِثُوا بَعْدَ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ إِلَى بَدْرٍ، فَأَخَذَهُمْ بِالْعَذَابِ يَوْمَ بَدْرٍ وَعَنَى بِقَوْلِهِ خِلَافَكَ: بَعْدَكَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]
عَقِبَ الرَّذَاذُ خِلَافَهَا فَكَأَنَّمَا ... بَسَطَ الشَّوَاطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرَا
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: خِلَافَهَا: بَعْدَهَا. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: (خَلْفَكَ) . وَمَعْنَى ذَلِكَ، وَمَعْنَى الْخِلَافِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاحِدٌ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 77] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَوْ أَخْرَجُوكَ لَمْ يَلْبَثُوا خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا، وَلَأَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِنَا، سُنَّتُنَا فِيمَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا، فَإِنَّا كَذَلِكَ كُنَّا نَفْعَلُ بِالْأُمَمِ إِذَا أَخْرَجَتْ رُسُلَهَا مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَنُصِبَتِ السُّنَّةُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ {لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا -[22]- قَلِيلًا} [الإسراء: 76] لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: لَعَذَّبْنَاهُمْ بَعْدَ قَلِيلٍ كَسُنَّتِنَا فِي أُمَمِ مَنْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا، وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا عَمَّا جَرَتْ بِهِ. كَمَا:
الصفحة 21