كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

بِهَا صِلِيًّا} [مريم: 70] قَالَ: أَوْلَى بِالْخُلُودِ فِي جَهَنَّمَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ يِنْزِعُهُمْ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ مِنَ الْكَفَرَةِ أَشَدُّهُمْ كُفْرًا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا كَافِرَ بِاللَّهِ إِلَّا مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، فَلَا وَجْهَ، وَجَمِيعُهُمْ مُخَلَّدُونَ فِي جَهَنَّمَ، لَأَنْ يُقَالَ: ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ بِالْخُلُودِ مَنْ هَؤُلَاءِ الْمُخَلَّدِينَ، وَلَكِنِ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِبَعْضِ طَبَقَاتِ جَهَنَّمَ صِلِيًّا. وَالصِّلِيُّ: مَصْدَرُ صَلَّيْتُ تَصْلِي صِلِيًّا، وَالصِّلِيُّ: فَعُولٌ، وَلَكِنْ وَاوُهَا انْقَلَبَتْ يَاءً فَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ، فَصَارَتْ يَاءً مُشَدَّدَةً
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِنْ مِنْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَّا وَارِدٌ جَهَنَّمَ، كَانَ عَلَى رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ إِيرَادُهُمُوهَا قَضَاءً مَقْضِيًّا، قَدْ قَضَى ذَلِكَ وَأَوْجَبَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى الْوُرُودِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الدُّخُولُ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ -[591]- عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُخَاصِمُ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: §الْوُرُودُ: الدُّخُولُ، وَقَالَ نَافِعٌ: لَا، فَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونَ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] أَوُرُودٌ هُوَ أَمْ لَا؟ وَقَالَ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98] أَوُرُودٌ هُوَ أَمْ لَا؟ أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ، فَسَنَدْخُلُهَا، فَانْظُرْ هَلْ نَخْرُجُ مِنْهَا أَمْ لَا؟ وَمَا أَرَى اللَّهَ مُخْرِجُكَ مِنْهَا بِتَكْذِيبِكَ، قَالَ: فَضَحِكَ نَافِعٌ

الصفحة 590