كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

عُوجِلُوا بِالْعَذَابِ عَنْ قَرِيبٍ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي إِخْرَاجِهِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ إِخْرَاجَ صِدْقٍ يُحَاوِلُهُ عَلَيْهِمْ، وَيُدْخِلُهُ بَلْدَةً غَيْرَهَا، بِمُدْخَلِ صِدْقٍ يُحَاوِلُهُ عَلَيْهِمْ وَلِأَهْلِهَا فِي دُخُولِهَا إِلَيْهَا، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ سُلْطَانًا نَصِيرًا عَلَى أَهْلِ الْبَلْدَةِ الَّتِي أَخْرَجَهُ أَهْلُهَا مِنْهَا، وَعَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ لَهُمْ شَبِيهًا، وَإِذَا أُوتِيَ ذَلِكَ، فَقَدْ أُوتِيَ لَا شَكَّ حُجَّةً بَيِّنَةً
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {نَصِيرًا} [النساء: 45] فَإِنَّ ابْنَ زَيْدٍ كَانَ يَقُولُ فِيهِ، نَحْوَ قَوْلِنَا الَّذِي قُلْنَا فِيهِ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80] قَالَ: يَنْصُرُنِي وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِمُوسَى {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا} [القصص: 35] هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ، إِنَّمَا هُوَ سُلْطَانٌ بِآيَاتِنَا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَادُوا أَنْ يَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: 81] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْحَقِّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ، وَالْبَاطِلِ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ زَهَقَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْحَقُّ: هُوَ الْقُرْآنُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالْبَاطِلُ: هُوَ الشَّيْطَانُ

الصفحة 60