كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

§وَقَوْلُهُ: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} يَقُولُ عَزَّ ذِكْرُهُ: أَعَلِمَ هَذَا الْقَائِلُ هَذَا الْقَوْلَ عِلْمَ الْغَيْبِ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مَالًا وَوَلَدًا بِاطِّلَاعِهِ عَلَى عِلْمِ مَا غَابَ عَنْهُ {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 78] يَقُولُ: أَمْ آمَنَ بِاللَّهِ وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَ بِهِ، وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ، فَكَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا أَنْ يُؤْتِيَهُ مَا يَقُولُ مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} بِعَمَلِ صَالِحِ قَدَمِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: 80] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ {كَلَّا} [النساء: 130] لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، مَا اطَّلَعَ الْغَيْبَ، فَعَلِمَ صِدْقَ مَا يَقُولُ، وَحَقِيقَةُ مَا يُذْكَرُ، وَلَا اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، بَلْ كَذَّبَ وَكَفَرَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} [مريم: 79] أَيْ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ هَذَا الْكَافِرُ بِرَبِّهِ، الْقَائِلُ {لَأُوتَيَنَّ} [مريم: 77] فِي الْآخِرَةِ {مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: 39] {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} [مريم: 79] يَقُولُ: وَنَزِيدُهُ مِنَ الْعَذَابِ فِي جَهَنَّمَ بِقِيلِهِ الْكَذِبَ وَالْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا، زِيَادَةً عَلَى عَذَابِهِ بِكُفْرِهِ بِاللَّهِ

الصفحة 621