كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ {§لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء: 88] . . إِلَى قَوْلِهِ {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] قَالَ: مُعِينًا، قَالَ: يَقُولُ: لَوْ بَرَزَتِ الْجِنُّ وَأَعَانَهُمُ الْإِنْسُ، فَتَظَاهَرُوا لَمْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ
§وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] رَفْعٌ، وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ «لَئِنْ» ، لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَجَابَتْ لَئِنْ بِلَا رَفَعُوا مَا بَعْدَهَا، لِأَنَّ «لَئِنْ» كَالْيَمِينِ وَجَوَابُ الْيَمِينِ بِلَا مَرْفُوعٌ، وَرُبَّمَا جُزِمَ لِأَنَّ الَّتِي يُجَابُ بِهَا زِيدَتْ عَلَيْهِ لَامٌ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر البسيط]
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبِّ مَعْرَكَةٍ ... لَا تُلْفِنَا عَنْ دِمَاءِ الْقَوْمِ نَنْتَفِلُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 89] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ بَيَّنَّا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ احْتِجَاجًا بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَيْهِمْ، وَتَذْكِيرًا لَهُمْ، وَتَنْبِيهًا عَلَى الْحَقِّ لِيَتَّبِعُوهُ وَيَعْمَلُوا بِهِ {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 89] يَقُولُ: فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا جُحُودًا لِلْحَقٍّ، وَإِنْكَارًا لِحُجَجِ اللَّهِ وَأَدِلَّتِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ -[78]- يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمِكَ لَكَ: لَنْ نُصَدِّقَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ أَرْضِنَا هَذِهِ عَيْنًا تَنْبُعُ لَنَا بِالْمَاءِ. وَقَوْلُهُ {يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] يَفْعُولٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: نَبَعَ الْمَاءُ: إِذَا ظَهَرَ وَفَارَ، يَنْبُعُ وَيَنْبَعُ، وَهُوَ مَا نَبَعَ. كَمَا:
الصفحة 77