كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ {تَفْجُرَ} [الإسراء: 90] فَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ {حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا} [الإسراء: 90] خَفِيفَةً وَقَوْلُهُ {فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91] بِالتَّشْدِيدِ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ قُرَّاءُ الْكُوفِيِّينَ يَقْرَءُونَهَا، فَكَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا بِتَخْفِيفِهِمُ الْأُولَى إِلَى مَعْنَى: حَتَّى تُفَجِّرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ مَاءً مَرَّةً وَاحِدَةً. وَبَتْشِدِيدِهِمُ الثَّانِيَةَ إِلَى أَنَّهَا «تَفَجَّرُ» فِي أَمَاكِنَ شَتَّى، مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، إِذَا كَانَ ذَلِكَ تَفَجَّرُ أَنْهَارٍ لَا نَهْرٌ وَاحِدٌ، وَالتَّخْفِيفِ فِي الْأُولَى وَالتَّشْدِيدُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ أَعْجَبُ إِلَيَّ لِمَا ذَكَرْتُ مِنِ افْتِرَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْأُولَى مَدْفُوعَةً صِحَّتُهَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلِ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكُو قَوْمِكَ: لَنْ نُصَدِّقُكَ حَتَّى تَسْتَنْبِطَ لَنَا عَيْنًا مِنْ أَرْضِنَا، تَدَفَّقُ بِالْمَاءِ أَوْ تَفُورُ، أَوْ يَكُونَ لَكَ بُسْتَانٌ، وَهُوَ الْجَنَّةُ، مِنْ نَخِيلِ وَعِنَبٍ، فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا بِأَرْضِنَا هَذِهِ الَّتِي نَحْنُ بِهَا خِلَالَهَا، يَعْنِي: خِلَالَ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91] بَيْنَهَا فِي أُصُولِهَا تَفْجِيرًا بِسَبَبِ أَبْنِيَتِهَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ قَبِيلًا} [الإسراء: 92]
الصفحة 79