كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)
§وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الإسراء: 71] يَقُولُ: فَمَنْ أُعْطِيَ كِتَابَ عَمَلِهِ بِيَمِينِهِ {فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ} ذَلِكَ حَتَّى يَعْرِفُوا جَمِيعَ مَا فِيهِ {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَظْلِمُهُمُ اللَّهُ مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ فَتِيلًا، وَهُوَ الْمُنْفَتِلُ الَّذِي فِي شَقِّ بَطْنِ النَّوَاةِ. وَقَدْ مَضَى الْبَيَانُ عَنِ الْفَتِيلِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ {§وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49] قَالَ: الَّذِي فِي شَقِّ النَّوَاةِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ «هَذِهِ» فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى النِّعَمِ الَّتِي عَدَدَّهَا تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70] فَقَالَ: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72]
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، {§وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ -[10]- أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72] فَقَالَ: قَالَ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70] قَالَ: مِنْ عَمِّي عَنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعَمِ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَعْمَى عَنْ قُدْرَةِ اللَّهِ فِيهَا وَحُجَجِهِ، فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى
الصفحة 9