كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 15)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا مَنَعَ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكِي قَوْمِكَ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ، وَبِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ {إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى} [الإسراء: 94] يَقُولُ: إِذْ جَاءَهُمُ الْبَيَانُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِحَقِيقَةِ مَا تَدْعُوهُمْ وَصِحَّةِ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ، إِلَّا قَوْلُهُمْ جَهْلًا مِنْهُمْ {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94] فَأَنِ الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ مَنَعَ عَلَيْهَا، وَالثَّانِيَةُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَهَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: 95] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَبَوُا الْإِيمَانَ بِكَ وَتَصْدِيقَكَ فِيمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي، اسْتِنْكَارًا لِأَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولًا مِنَ الْبَشَرِ: لَوْ كَانَ أَيُّهَا النَّاسُ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ، لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَّمَا تَرَاهُمْ أَمْثَالَهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ مِنْ بَنِي آدَمَ بِرُؤْيَتِهَا، فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى رُؤْيَتِهَا فَكَيْفَ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الرُّسُلَ، وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى رُؤْيَتِهِمْ وَهُمْ بِهَيْئَاتِهِمُ الَّتِي خَلَقَهُمُ اللَّهُ بِهَا،

الصفحة 91