كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
§وَقَوْلُهُ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الرَّحْمَنُ عَلَى عَرْشِهِ ارْتَفَعَ وَعَلَا وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَلِلرَّفْعِ فِي الرَّحْمَنِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى قَوْلِهِ: تَنْزِيلًا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: نَزَّلَهُ مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ، نَزَّلَهُ الرَّحْمَنُ الَّذِي عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى. وَالْآخَرُ بِقَوْلِهِ: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ اسْتَوَى، ذِكْرًا مِنَ الرَّحْمَنِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، مُلْكًا لَهُ، وَهُوَ مُدَبِّرُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمُصَرِّفُ جَمِيعِهِ. -[12]- وَيَعْنِي بِالثَّرَى: النَّدَى. يُقَالُ لِلتُّرَابِ الرَّطْبِ الْمُبْتَلِّ: ثَرًى مَنْقُوصٌ، يُقَالُ مِنْهُ: ثَرَيْتُ الْأَرْضَ تَثْرَى، ثَرًى مَنْقُوصٌ، وَالثَّرَى: مَصْدَرٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 11