كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
§وَقَوْلُهُ: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 68] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قُلْنَا لِمُوسَى إِذْ أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً: {لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 68] عَلَى هَؤُلَاءِ السَّحَرَةِ، وَعَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ، وَالْقَاهِرُ لَهُمْ
{§وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: 69] يَقُولُ: وَأَلْقِ عَصَاكَ تَبْتَلِعُ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمُ الَّتِي سَحَرُوهَا حَتَّى خُيِّلَ إِلَيْكَ أَنَّهَا تَسْعَى
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيَدُ سَاحِرٍ} [طه: 69] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} [طه: 69] بِرَفْعِ كَيْدَ وَبِالْأَلِفِ فِي سَاحِرٍ بِمَعْنَى: إِنَّ الَّذِي صَنَعَهُ هَؤُلَاءِ السَّحَرَةُ كَيْدٌ مِنْ سَاحِرٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سِحْرٍ) بِرَفْعِ الْكَيْدِ وَبِغَيْرِ الْأَلِفِ فِي السِّحْرِ بِمَعْنَى إِنَّ الَّذِي صَنَعُوهُ كَيْدُ سِحْرٍ. وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَيْدَ هُوَ الْمَكْرُ وَالْخِدْعَةُ، فَالسَّاحِرُ مَكْرُهُ وَخِدْعَتُهُ مِنْ سِحْرٍ يُسْحَرُ، وَمَكْرُ السِّحْرِ وَخِدْعَتُهُ: تَخَيُّلُهُ إِلَى الْمَسْحُورِ، عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ فِي حَقِيقَتِهِ، فَالسَّاحِرُ كَائِدٌ بِالسِّحْرِ، وَالسِّحْرُ كَائِدٌ بِالتَّخْيِيلِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أَضَفْتُ الْكَيْدَ فَهُوَ
الصفحة 111