كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ حِينَ قَالُوا: {§رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: 126] وَقَالَ: كَانُوا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سَحَرَةً، وَفِي آخِرِ النَّهَارِ شُهَدَاءَ
§وَقَوْلُهُ: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} [طه: 71] يَقُولُ: وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّهَا السَّحَرَةُ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا لَكُمْ، وَأَدْوَمُ، أَنَا أَوْ مُوسَى
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 73] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِ السَّحَرَةُ لِفِرْعَوْنَ لَمَّا تَوَعَّدَهُمْ بِمَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ: {لَنْ نُؤْثِرَكَ} [طه: 72] فَنَتَّبِعَكَ وَنُكَذِّبَ مِنْ أَجْلِكَ مُوسَى {عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [طه: 72] يَعْنِي مِنَ الْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُوسَى {وَالَّذِي فَطَرَنَا} [طه: 72] يَقُولُ: قَالُوا: لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى الَّذِي جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ، وَعَلَى الَّذِي فَطَرَنَا. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {فَطَرَنَا} [طه: 72] خَلَقَنَا، فَالَّذِي مِنْ قَوْلِهِ: {وَالَّذِي فَطَرَنَا} [طه: 72] خُفِضَ عَلَى قَوْلِهِ: {مَا جَاءَنَا} [المائدة: 19] وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {وَالَّذِي فَطَرَنَا} [طه: 72] خَفْضًا عَلَى الْقَسَمِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَاللَّهِ. وَقَوْلُهُ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] يَقُولُ: فَاصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ، وَاعْمَلْ بِنَا مَا بَدَا لَكَ {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72] يَقُولُ: إِنَّمَا تَقْدِرُ أَنْ
الصفحة 116