كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

تُعَذِّبَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الَّتِي تَفْنَى، وَنَصَبَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْوَقْتِ وَجُعِلَتْ إِنَّمَا حَرْفًا وَاحِدًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، {§لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا} [طه: 72] أَيْ عَلَى اللَّهِ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْحُجَجِ مَعَ بَيِّنَةٍ {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] أَيِ اصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72] أَيْ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلَّا فِيهَا، ثُمَّ لَا سُلْطَانَ لَكَ بَعْدَهُ
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} [طه: 73] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّا أَقْرَرْنَا بِتَوْحِيدِ رَبِّنَا، وَصَدَّقْنَا بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ. وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى حَقٌّ {لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} [طه: 73] يَقُولُ: لِيَعْفُوَ لَنَا عَنْ ذُنُوبَنَا فَيَسْتُرَهَا عَلَيْنَا. {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} [طه: 73] يَقُولُ: لِيَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَتَعَلُّمَنَا مَا تَعَلَّمْنَاهُ مِنَ السِّحْرِ، وَعَمِلْنَا بِهِ الَّذِي أَكْرَهْتَنَا عَلَى تَعَلُّمِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ. وَذُكِرَ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ أَخَذَهُمْ بِتَعْلِيمِ السِّحْرِ

الصفحة 117