كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه: 75] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ السَّحَرَةِ لِفِرْعَوْنَ: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ} [طه: 74] مِنْ خَلْقِهِ {مُجْرِمًا} [طه: 74] يَقُولُ: مُكْتَسِبًا الْكُفْرَ بِهِ {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ} [طه: 74] يَقُولُ: فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ مَأْوًى وَمْسَكَنًا، جَزَاءً لَهُ عَلَى كُفْرِهِ {لَا يَمُوتُ فِيهَا} [طه: 74] فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ {وَلَا يَحْيَا} فَتَسْتَقِرَّ نَفْسُهُ فِي مَقَرِّهَا فَتَطْمَئِنَّ، وَلَكِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْحَنَاجِرِ مِنْهُمْ {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا} [طه: 75] مُوَحِّدًا لَا يُشْرِكُ بِهِ {قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه: 75] يَقُولُ: قَدْ عَمِلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ، وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ {فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه: 75] يَقُولُ: فَأُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ الْعُلَى
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} [طه: 76] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه: 75] ثُمَّ بَيَّنَ تِلْكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مَا هِيَ، فَقَالَ: هُنَّ {جَنَّاتُ -[120]- عَدْنٍ} [التوبة: 72] يَعْنِي: جَنَّاتُ إِقَامَةٍ لَا ظَعْنَ عَنْهَا وَلَا نَفَادَ لَهَا وَلَا فَنَاءَ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25] يَقُولُ: تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ {خَالِدِينَ فِيهَا} [البقرة: 162] يَقُولُ: مَاكِثِينَ فِيهَا إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ مَحْدُودَةٍ، فَالْجَنَّاتُ مِنْ قَوْلِهِ {جَنَّاتُ عَدْنٍ} [التوبة: 72] مَرْفُوعَةٌ بِالرَّدِّ عَلَى الدَّرَجَاتِ

الصفحة 119