كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، {§وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: 82] مِنَ الذَّنْبِ {وَآمَنَ} [طه: 82] مِنَ الشِّرْكِ {وَعَمِلَ صَالِحًا} [البقرة: 62] أَدَّى مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ {ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] عَرَفَ مُثِيبَهُ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرًا، وَإِنْ شَرًّا فَشَرًّا وَقَالَ آخَرُونَ
بِمَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {§وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] قَالَ: إِلَى وِلَايَةِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْلَ الَّذِي اخْتَرْنَا فِي ذَلِكَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الِاهْتِدَاءَ هُوَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى هُدًى، وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ إِلَّا وَقَدْ جَمَعَهُ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالتَّوْبَةُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ، فَلَا شَكَّ فِي اهْتِدَائِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا أَعْجَلَكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى، فَتَقَدَّمْتَهُمْ وَخَلَّفْتَهُمْ وَرَاءَكَ، وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُمْ؟ قَالَ {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} [طه: 84] يَقُولُ: قَوْمِي عَلَى أَثَرِي يَلْحَقُونَ بِي. {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِلِتَرْضَى} يَقُولُ: وَعَجِلْتُ أَنَا فَسَبَقْتُهُمْ رَبِّ، كَيْمَا تَرْضَى عَنِّي وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمُوسَى: مَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ؟ لِأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فِيمَا بَلَغَنَا حِينَ نَجَّاهُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، وَقَطَعَ بِهِمُ الْبَحْرَ، -[130]- وَعَدَهُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنِ، فَتَعَجَّلَ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ، وَأَقَامَ هَارُونُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَسِيرُ بِهِمْ عَلَى أَثَرِ مُوسَى

الصفحة 129