كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: 93] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خِطَابِ قَوْمِهِ وَمُرَاجَعَتِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْ خَطَأِ فِعْلِهِمْ: يَا هَارُونُ أَيُّ شَيْءٍ مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا عَنْ دِينِهِمْ، فَكَفَرُوا بِاللَّهِ وَعَبَدُوا الْعِجْلَ أَلَا تَتَّبِعُنِي. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي عَذَلَ مُوسَى عَلَيْهِ أَخَاهُ مِنْ تَرْكِهِ اتِّبَاعَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَذَلَهُ عَلَى تَرْكِهِ السَّيْرَ بِمَنْ أَطَاعَهُ فِي أَثَرِهِ عَلَى مَا كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: §لَمَّا قَالَ الْقَوْمُ: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] أَقَامَ هَارُونُ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَمْ يُفْتَتَنْ، وَأَقَامَ مَنْ يَعْبُدُ الْعِجْلَ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَتَخَوَّفَ هَارُونُ إِنْ سَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقُولَ لَهُ مُوسَى: {فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قُولِي} [طه: 94] وَكَانَ لَهُ هَائِبًا مُطِيعًا
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§-[146]- مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه: 93] قَالَ: تَدَعُهُمْ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَذَلَهُ عَلَى تَرْكِهِ أَنْ يُصْلِحَ مَا كَانَ مِنْ فَسَادِ الْقَوْمِ
الصفحة 145