كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، فِي قَوْلِهِ: {§إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} [طه: 104] أَوْفَاهُمْ عَقْلًا وَإِنَّمَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْخَبَرِ عَنْ قِيلِهِمْ هَذَا الْقَوْلَ يَوْمَئِذٍ، إِعْلَامُ عِبَادِهِ أَنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ بِهِ يَنْسَوْنَ مِنْ عَظِيمِ مَا يُعايِنُونَ مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَشِدَّةِ جَزَعِهِمْ مِنْ عَظِيمِ مَا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ مَا كَانُوا فِيهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ النَّعِيمِ وَاللَّذَّاتِ، وَمَبْلَغِ مَا عَاشُوا فِيهَا مِنَ الْأَزْمَانِ، حَتَّى يُخَيَّلُ إِلَى أَعْقَلِهِمْ فِيهِمْ، وَأَذْكَرِهِمْ وَأَفْهَمِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَعِيشُوا فِيهَا إِلَّا يَوْمًا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي -[163]- نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 106] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَسْأَلُكَ يَا مُحَمَّدُ قَوْمُكَ عَنِ الْجِبَالِ، فَقُلْ لَهُمْ: يُذَرِّيهَا رَبِّي تَذْرِيَةً، وَيُطَيِّرُهَا بِقَلْعِهَا وَاسْتِئْصَالِهَا مِنْ أُصُولِهَا، وَدَكِّ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَتَصْيِيرِهِ إِيَّاهَا هَبَاءً مُنْبَثًّا. {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا} [طه: 106] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَيَدَعُ أَمَاكِنَهَا مِنَ الْأَرْضِ إِذَا نَسَفَهَا نَسْفًا، قَاعًا: يَعْنِي: أَرْضًا مَلْسَاءَ، صَفْصَفًا: يَعْنِي مُسْتَوِيًا لَا نَبَاتَ فِيهِ، وَلَا نَشَزَ، وَلَا ارْتِفَاعَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 162