كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {§فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] قَالَ: لَا يَنْتَقِصُ اللَّهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا، وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ ذَنْبَ مُسِيءٍ وَأَصْلُ الْهَضْمِ: النَّقْصُ، يُقَالُ: هَضَمَنِي فُلَانٌ حَقِّي، وَمِنْهُ امْرَأَةٌ هَضِيمٌ: أَيْ ضَامِرَةُ الْبَطْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَدْ هُضِمَ الطَّعَامُ: إِذَا ذَهَبَ، وَهَضَمْتُ لَكَ مِنْ حَقِّكَ: أَيْ حَطَطْتُكَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَمَا رَغَّبْنَا أَهْلَ الْإِيمَانِ فِي صَالِحَاتِ الْأَعْمَالِ، بِوَعْدِنَاهُمْ مَا وَعَدْنَاهُمْ، كَذَلِكَ حَذَّرْنَا بِالْوَعِيدِ أَهْلَ الْكُفْرِ بِالْمُقَامِ عَلَى مَعَاصِينَا، وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِنَا، فَأَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَرَبِيًّا، إِذْ كَانُوا عَرَبًا {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} [طه: 113] فَبَيَّنَّاهُ: يَقُولُ: وَخَوَّفْنَاهُمْ فِيهِ بِضُرُوبٍ مِنَ الْوَعِيدِ. {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] . يَقُولُ: كَيْ يَتَّقُونَا، بِتَصْرِيفِنَا مَا صَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ. {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه: 113] . يَقُولُ: أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ هَذَا الْقُرْآنُ تَذْكِرَةً، فَيَعْتَبِرُونَ وَيَتَّعِظُونَ بِفِعْلِنَا بِالْأُمَمِ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ قَبْلَهَا، -[179]- وَيَنْزَجِرُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 178