كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
§وَقَوْلُهُ: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه: 23] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاضْمُمْ يَدَكَ يَا مُوسَى إِلَى جَنَاحِكَ، تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ، كَيْ نُرِيَكَ مِنْ أَدِلَّتِنَا الْكُبْرَى عَلَى عَظِيمِ سُلْطَانِنَا وَقُدْرَتِنَا. وَقَالَ: الْكُبْرَى، فَوَحَّدَ، وَقَدْ قَالَ: {مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: 1] كَمَا قَالَ: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 8] وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ هُنَالِكَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: إِنَّمَا قِيلَ الْكُبْرَى، لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا التَّقْدِيمُ، كَأَنَّ مَعْنَاهَا عِنْدَهُ: لِنُرِيَكَ الْكُبْرَى مِنْ آيَاتِنَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي} [طه: 25] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: {اذْهَبْ} [الإسراء: 63] يَا مُوسَى {إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 24] يَقُولُ: إِنَّهُ تَجَاوَزَ قَدْرَهُ، وَتَمَرَّدَ عَلَى رَبِّهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الطُّغْيَانِ بِمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ اسْتَغْنَى بِفَهْمِ السَّامِعِ بِمَا ذُكِرَ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 24] فَادْعُهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَإِرْسَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَكَ. {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] يَقُولُ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، لِأَعِيَ عَنْكَ مَا تُودِعُهُ مِنْ وَحْيِكَ، وَأَجْتَرِئَ بِهِ عَلَى خَطَّابِ فِرْعَوْنَ. {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 26] يَقُولُ: وَسَهِّلْ عَلَيَّ
الصفحة 52