كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: إِنَّ الْحُكْمَ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] قَالَ: " §حُكْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالَ بَيْنَ ذَلِكَ: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} [الحج: 70] " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ كِتَابَ الْقَلَمِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا هُوَ كَائِنٌ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ , يَعْنِي: هَيِّنٌ. وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَوْلَى بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلُهُ: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] . إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} [الحج: 70] أَقْرَبُ وَهُوَ لَهُ مُجَاوِرٌ مِنْ قَوْلِهِ: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: 69] مُتَبَاعِدٌ مَعَ دُخُولِ قَوْلُهُ: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحج: 70] بَيْنَهُمَا؛ فَإِلْحَاقُهُ بِمَا هُوَ أَقْرَبُ أَوْلَى مَا وُجِدَ لِلْكَلَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ مُخَرَّجٌ فِي التَّأْوِيلِ صَحِيحٌ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج: 71]-[632]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَعْبُدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ دُونِهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ حُجَّةً مِنَ السَّمَاءِ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا إِلَى رُسُلِهِ، بِأَنَّهَا آلِهَةٌ تَصْلُحُ عِبَادَتُهَا فَيَعْبُدُوهَا، بِأَنَّ اللَّهَ أَذِنَ لَهُمْ فِي عِبَادَتِهَا، وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ أَنَّهَا آلِهَةٌ. {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج: 71] يَقُولُ: وَمَا لِلْكَافِرِينَ بِاللَّهِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ هَذِهِ الْأَوْثَانَ مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُنْقِذُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ , وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ عِقَابَهُ إِذَا أَرَادَ عِقَابَهُمْ
الصفحة 631