كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

وَلَا يَنْتَصِرَ، وَأَنَا الْخَالِقُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ , وَمَالِكُ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالْمُحْيِي مَنْ أَرَدْتُ , وَالْمُمِيتُ مَا أَرَدْتُ , وَمَنْ أَرَدْتُ. إِنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْجَهْلِ
§وَقَوْلُهُ: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الحج: 74] يَقُولُ: مَا عَظَّمَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْآلِهَةَ لِلَّهِ شَرِيكًا فِي الْعِبَادَةِ حَقَّ عَظَمَتِهِ حِينَ أَشْرَكُوا بِهِ غَيْرَهُ، فَلَمْ يُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ , وَلَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ؛ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا عَرَفْتَ لِفُلَانٍ قَدْرَهُ , إِذَا خَاطَبُوا بِذَلِكَ مِنْ قَصَّرَ بِحَقِّهِ , وَهُمْ يُرِيدُونَ تَعْظِيمَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ يَسْلُبُهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} [الحج: 73] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ: " §هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِآلِهَتِهِمْ. وَقَرَأَ: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الحج: 74] حِينَ يَعْبُدُونَ مَعَ اللَّهِ مَا لَا يَنْتَصِفُ مِنَ الذُّبَابِ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ "
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لِقَوِيُّ} [الحج: 40] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لِقَوِيُّ عَلَى خَلْقِ مَا يَشَاءُ مِنْ صَغِيرِ مَا يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَكَبِيرِهِ. {عَزِيزٌ} [البقرة: 209] يَقُولُ: مَنِيعٌ فِي مُلْكِهِ , لَا يَقْدِرُ شَيْءٌ دُونَهُ أَنْ يُسْلُبَهُ مِنْ مُلْكِهِ شَيْئًا، وَلَيْسَ كَآلِهَتِكُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الَّذِينَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى خَلْقِ ذُبَابٍ , وَلَا عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الذُّبَابِ إِذَا اسْتَلَبَهَا -[638]- شَيْئًا ضَعْفًا وَمَهَانَةً

الصفحة 637