كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَجَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {§وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] كَمَا جَاهَدْتُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ , فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ أُمِرَ بِالْجِهَادِ؟ قَالَ: قَبِيلَتَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: مَخْزُومٌ , وَعَبْدُ شَمْسٍ فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَخَافُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. قَالُوا: وَذَلِكَ هُوَ حَقُّ الْجِهَادِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: -[640]- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: " {§وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] لَا تَخَافُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ " وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: اعْمَلُوا بِالْحَقِّ حَقَّ عَمَلِهِ. وَهَذَا قَوْلٌ ذَكَرَهُ عَنِ الضَّحَّاكِ بَعْضُ مَنْ فِي رِوَايَتِهِ نَظَرٌ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِهِ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنَ الْجِهَادِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِ: جَاهَدْتُ فِي اللَّهِ. وَحَقُّ الْجِهَادِ: هُوَ اسْتِفْرَاغُ الطَّاقِةِ فِيهِ
الصفحة 639