كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

§وَقَوْلُهُ: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} [طه: 45] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ مُوسَى وَهَارُونُ: رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ فِرْعَوْنَ إِنْ نَحْنُ دَعَوْنَاهُ إِلَى مَا أَمَرْتَنَا أَنْ نَدْعُوهُ إِلَيْهِ، أَنْ يَعْجَلَ عَلَيْنَا بِالْعُقُوبَةِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَطَ مِنِّي إِلَى فُلَانٍ أَمْرٌ: إِذَا سَبَقَ مِنْهُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ: فَارِطُ الْقَوْمِ، وَهُوَ الْمُتَعَجِّلُ الْمُتَقَدِّمُ أَمَامَهُمْ إِلَى الْمَاءِ أَوِ الْمَنْزِلِ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
[البحر الرجز]
قَدْ فَرَطَ الْعِلْجُ عَلَيْنَا وَعَجِلْ
وَأَمَّا الْإِفْرَاطُ: فَهُوَ الْإِسْرَافُ وَالْإِشْطَاطُ وَالتَّعَدِّي. يُقَالُ مِنْهُ: أَفْرَطْتَ فِي قَوْلِكَ: إِذَا أَسْرَفَ فِيهِ وَتَعَدَّى. وَأَمَّا التَّفْرِيطُ: فَإِنَّهُ التَّوَانِي. يُقَالُ مِنْهُ: فَرَّطْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ حَتَّى فَاتَ: إِذَا تَوَانَى فِيهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {§أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} [طه: 45] قَالَ: عُقُوبَةً مِنْهُ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§إِنَّنَا -[77]- نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه: 45] قَالَ: نَخَافُ أَنْ يَعْجَلَ عَلَيْنَا إِذْ نُبَلِّغُهُ كَلَامَكَ أَوْ أَمَرَكَ، يَفْرُطُ وَيَعْجَلُ. وَقَرَأَ {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]

الصفحة 76