كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)
كِتَابٍ: يَعْنِي فِي أُمِّ الْكِتَابِ، لَا عِلْمَ لِي بِأَمْرِهَا، وَمَا كَانَ سَبَبُ ضَلَالِ مَنْ ضَلَّ مِنْهُمْ فَذَهَبَ عَنْ دِينِ اللَّهِ {لَا يَضِلُّ رَبِّي} [طه: 52] يَقُولُ: لَا يُخْطِئُ رَبِّي فِي تَدْبِيرِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَإِنْ كَانَ عَذَّبَ تِلْكَ الْقُرُونَ فِي عَاجِلٍ، وَعَجَّلَ هَلَاكَهَا، فَالصَّوَابُ مَا فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ أَخَّرَ عِقَابَهَا إِلَى الْقِيَامَةِ، فَالْحَقُّ مَا فَعَلَ، هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُ، لَا يُخْطِئُ رَبِّي {وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] فَيِتْرُكَ فِعْلَ مَا فِعْلُهُ حِكْمَةٌ وَصَوَابٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {§فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] يَقُولُ: لَا يُخْطِئُ رَبِّي وَلَا يَنْسَى
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {§فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: 51] يَقُولُ فَمَا أَعْمَى الْقُرُونَ الْأُولَى، فَوَكَلَهَا نَبِيُّ اللَّهِ مَوْكِلًا فَقَالَ: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: 187] . . الْآيَةَ، يَقُولُ: أَيْ أَعْمَارُهَا وَآجَالُهَا وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] وَاحِدٌ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {§لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] قَالَ: هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ -[84]- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ضَلَّ فُلَانٌ مَنْزِلَهُ: إِذَا أَخْطَأَهُ، يُضِلُّهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ ثَابِتٍ لَا يَبْرَحُ، فَأَخْطَأَهُ مُرِيدُهُ، فَإِنَّهَا تَقُولُ: أَضَلَّهُ، فَأَمَّا إِذَا ضَاعَ مِنْهُ مَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ مِنْ دَابَّةٍ وَنَاقَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَنْفَلِتُ مِنْهُ فَيَذْهَبُ، فَإِنَّهَا تَقُولُ: أَضَلَّ فُلَانٌ بَعِيرَهُ أَوْ شَاتَهُ أَوْ نَاقَتَهُ يُضِلُّهُ بِالْأَلِفِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى النِّسْيَانِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ
الصفحة 83