كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 16)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} [طه: 53] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ {مَهْدًا} [طه: 53] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مِهَادًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْمِهَادِ وَإِلْحَاقِ أَلِفٍ فِيهِ بَعْدَ الْهَاءِ، وَكَذَلِكَ عَمَلُهُمْ ذَلِكَ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ. وَزَعَمَ بَعْضُ مَنِ اخْتَارَ قِرَاءَةَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، أَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ -[85]- الْمِهَادَ: اسْمُ الْمَوْضِعِ، وَأَنَّ الْمَهْدَ الْفِعْلَ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ الْفَرْشِ وَالْفِرَاشِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: {مَهْدًا} [طه: 53] بِمَعْنَى: الَّذِي مَهَّدَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ مَشْهُورَتَانِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِيهَا

الصفحة 84