كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§وَقَوْلُهُ: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَنْزِيهًا لِلَّهِ عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّ لَهُ وَلَدًا، وَعَمَّا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا، أَوْ أَنَّ مَعَهُ فِي الْقِدَمِ إِلَهًا يُعْبَدُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى
§وَقَوْلُهُ: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: 73] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هُوَ عَالِمُ مَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ، فَلَمْ يَرَوْهُ وَلَمْ يُشَاهِدُوهُ، وَمَا رَأَوْهُ وَشَاهَدُوهُ. إِنَّمَا هَذَا مِنَ اللَّهِ خَبَرٌ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا , وعَبَدُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً، أَنَّهُمْ فِيمَا يَقُولُونَ وَيَفْعَلُونَ مُبْطِلُونَ مُخْطِئُونَ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا يَقُولُونَ مِنْ قَوْلٍ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ، بَلْ عَنْ جَهْلٍ مِنْهُمْ بِهِ؛ وَإِنَّ الْعَالِمَ بِقَدِيمِ الْأُمُورِ , وَبِحَدِيثِهَا , وَشَاهِدِهَا وَغَائِبِهَا عَنْهُمْ، اللَّهُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَخَبَرُهُ هُوَ الْحَقُّ دُونَ خَبَرِهِمْ. وَقَالَ: {عَالِمُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 73] فَرَفَعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، بِمَعْنَى: هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: {فَتَعَالَى} [الأعراف: 190] كَمَا يُقَالُ: مَرَرْتُ بِأَخِيكَ الْمُحْسِنُ

الصفحة 102