كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 16] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ بَعْدِ إِنْشَائِكُمْ خَلْقًا آخَرَ وَتَصْيِيرِنَاكُمْ إِنْسَانًا سَوِيًّا مَيِّتُونَ وَعَائِدُونَ تُرَابًا كَمَا كُنْتُمْ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ وَعَوْدِكُمْ رُفَاتًا بَالِيًا مَبْعُوثُونَ مِنَ التُّرَابِ خَلْقًا جَدِيدًا كَمَا بَدَأْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَإِنَّمَا قِيلَ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} [المؤمنون: 15] لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ حَالٍ لَهُمْ يَحْدُثُ لَمْ يَكُنْ. وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ لِمَنْ لَمْ يَمُتْ: هُوَ مَائِتٌ وَمَيِّتٌ عَنْ قَلِيلٍ، وَلَا يَقُولُونَ لِمَنْ قَدْ مَاتَ مَائِتٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ طَمِعٌ فِيمَا عِنْدَكَ إِذَا وُصِفَ بِالطَّمَعِ، فَإِذَا أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ قِيلَ هُوَ طَامِعٌ فِيمَا عِنْدَكَ غَدًا، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا كَانَ نَظِيرًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقِكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} [المؤمنون: 17] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَعْضُهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ؛ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ فَوْقَ شَيْءٍ طَرِيقَةً. وَإِنَّمَا قِيلَ لِلسَّمَاوَاتِ السَّبْعِ سَبْعَ طَرَائِقَ، لِأَنَّ بَعْضَهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ، فَكُلُّ سَمَاءٍ مِنْهُنَّ طَرِيقَةٌ -[27]- وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 26