كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [المؤمنون: 23] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25] دَاعِيهِمْ إِلَى طَاعَتِنَا وَتَوْحِيدِنَا وَالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَانَا {فَقَالَ} [البقرة: 31] لَهُمْ نُوحٌ: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [الأعراف: 59] يَقُولُ: قَالَ لَهُمْ: ذِلُّوا يَا قَوْمِ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ. {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] يَقُولُ: مَا لَكُمْ مِنْ مَعْبُودٍ يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ غَيْرُهُ. {أَفَلَا تَتَّقُونَ} [الأعراف: 65] يَقُولُ: أَفَلَا تَخْشَوْنَ بِعِبَادَتِكُمْ غَيْرَهُ عِقَابَهُ أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 24] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَقَالَتْ جَمَاعَةُ أَشْرَافِ قَوْمِ نُوحٍ، الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيدَ اللَّهِ وَكَذَّبُوهُ، لِقَوْمِهِمْ: مَا نُوحُ أَيُّهَا الْقَوْمُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، إِنَّمَا هُوَ إِنْسَانٌ مِثْلُكُمْ وَكَبَعْضِكُمْ، {يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} [المؤمنون: 24] يَقُولُ: يُرِيدُ أَنْ يَصِيرَ لَهُ الْفَضْلُ عَلَيْكُمْ، فَيَكُونَ مَتْبُوعًا وَأَنْتُمْ لَهُ تَبَعٌ. {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً} [المؤمنون: 24] يَقُولُ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا نَعْبُدَ شَيْئًا سِوَاهُ لِأَنْزِلَ مَلَائِكَةً، يَقُولُ: لَأَرْسَلَ بِالدُّعَاءِ إِلَى مَا يَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ نُوحٌ مَلَائِكَةً تُؤَدِّي إِلَيْكُمْ رِسَالَتَهُ.
§وَقَوْلُهُ: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا} [المؤمنون: 24] الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهٌِ نُوحٌ مِنْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ لَنَا -[35]- غَيْرُ اللَّهِ فِي الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ، وَهِيَ آبَاؤُهُمُ الْأَوَّلُونَ

الصفحة 34