كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [المؤمنون: 32] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ أَحْدَثْنَا مِنْ بَعْدِ مَهْلِكِ قَوْمِ نُوحٍ قَرْنًا آخَرِينَ فَأَوْجَدْنَاهُمْ. {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [المؤمنون: 32] دَاعِيًا لَهُمْ، {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [المائدة: 117] يَا قَوْمِ، وَأَطِيعُوهُ دُونَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ. {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] يَقُولُ: مَا لَكُمْ مِنْ مَعْبُودٍ يَصْلُحُ أَنْ تَعْبُدُوا سِوَاهُ. {أَفَلَا تَتَّقُونَ} [الأعراف: 65] أَفَلَا تَخَافُونَ عِقَابَ اللَّهِ بِعِبَادَتِكُمْ شَيْئًا دُونَهُ، وَهُوَ الْإِلَهُ الَّذِي لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [المؤمنون: 33] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَتِ الْأَشْرَافُ مِنْ قَوْمِ الرَّسُولِ الَّذِي أَرْسَلْنَا بَعْدَ نُوحٍ. وَعُنِيَ بِالرَّسُولِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: صَالِحًا، وَبِقَوْمِهِ: ثَمُودَ. {الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ} [المؤمنون: 33] يَقُولُ: الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيدَ اللَّهِ. {وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ} [المؤمنون: 33] يَعْنِي: كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ
§وَقَوْلُهُ: وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يَقُولُ: وَنَعَّمْنَاهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا -[40]- بِمَا وَسَّعَنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَعَاشِ وَبَسَطْنَا لَهُمْ مِنَ الرِّزْقِ، حَتَّى بَطِرُوا وَعَتَوْا عَلَى رَبِّهِمْ وَكَفَرُوا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ: وَقَدْ أُرَانِي بِالدِّيَارِ مُتْرَفَا

الصفحة 39