كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§قَوْلُهُ: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا الْآيَةُ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالُوا لَهُمْ: أَيَعِدُكُمْ صَالِحٌ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا فِي قُبُورِكُمْ وَعِظَامًا قَدْ ذَهَبَتْ لُحُومُ أَجْسَادِكُمْ , وَبَقِيَتْ عِظَامُهَا، أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً كَمَا كُنْتُمْ قَبْلَ مَمَاتِكُمْ؟ وَأُعِيدَتْ (أَنَّكُمْ) مَرَّتَيْنِ، وَالْمَعْنَى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا مُخْرَجُونَ مَرَّةً وَاحِدَةً، لَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ (أَنَّكُمُ) الْأُولَى وَبَيْنَ خَبَرِهَا بِـ (إِذَا) ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ بِكُلِّ اسْمٍ أَوْقَعَتْ عَلَيْهِ الظَّنَّ وَأَخَوَاتِهِ، ثُمَّ اعْتَرَضَتْ بِالْجَزَاءِ دُونَ خَبَرِهِ، فَتُكَرِّرُ اسْمَهُ مَرَّةً , وَتَحْذِفُهُ أُخْرَى، فَتَقُولُ: أَظُنُّ أَنَّكَ إِنْ جَالَسْتَنَا أَنَّكَ مُحْسِنٌ، فَإِنْ حَذَفْتَ (أَنَّكَ) الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةَ صَلُحَ، وَإِنْ أَثْبَتَّهُمَا صَلُحَ، وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِضْ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ، خَطَأٌ أَنْ يُقَالَ: أَظُنُّ أَنَّكَ أَنَّكَ جَالِسٌ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَيَعِدُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعَظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون: 37]-[42]- وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ قَوْلِ الْمَلَأِ مِنْ ثَمُودَ أَنَّهُمْ قَالُوا: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} [المؤمنون: 36] أَيْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ، مِنْ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ وَمَصِيرِكُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا مُخْرَجُونَ أَحْيَاءً مِنْ قُبُورِكُمْ، يَقُولُونَ: ذَلِكَ غَيْرُ كَائِنٍوَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 41