كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} [المؤمنون: 41] قَالَ: «هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ»
§وَقَوْلُهُ: {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 41] يَقُولُ: فَأَبْعَدَ اللَّهُ الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ بِهَلَاكِهِمْ، إِذْ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ , وَعَصَوْا رُسُلَهُ , وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " §أُولَئِكَ ثَمُودُ، يَعْنِي قَوْلُهُ: {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 41] "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} [المؤمنون: 43] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ أَحْدَثْنَا مِنْ بَعْدِ هَلَاكِ ثَمُودَ قَوْمًا آخَرِينَ
§وَقَوْلُهُ: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} [الحجر: 5] يَقُولُ: مَا يَتَقَدَّمُ هَلَاكُ أُمَّةٍ مِنْ تِلْكَ الْأُمَمِ الَّتِي أَنْشَأْنَاهَا بَعْدَ ثَمُودَ قَبْلَ الْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلْنَا لِهَلَاكِهَا، وَلَا يَسْتَأْخِرُ هَلَاكُهَا عَنِ الْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلْنَا لِهَلَاكِهَا , وَالْوَقْتِ الَّذِي وَقَّتْنَا لِفَنَائِهَا؛ وَلَكِنَّهَا تَهْلِكُ لِمَجِيئِهِ. وَهَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِمُشْرِكِي قَوْمِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِعْلَامٌ مِنْهُ لَهُمْ أَنَّ تَأْخِيرَهُ فِي آجَالِهِمْ -[48]- مَعَ كُفْرِهِمْ بِهِ , وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ، لِيَبْلُغُوا الْأَجَلَ الَّذِي أَجَّلَ لَهُمْ , فَيُحِلُّ بِهِمْ نِقْمَتَهُ، كَسُنَّتِهِ فِيمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ

الصفحة 47