كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ أَرْسَلْنَا إِلَى الْأُمَمِ الَّتِي أَنْشَأْنَا بَعْدَ ثَمُودَ رُسُلَنَا تَتْرَى يَعْنِي: يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَبَعْضُهَا فِي أَثَرِ بَعْضٍ. وَهِيَ مِنَ الْمُوَاتَرَةِ، وَهِيَ اسْمٌ لِجَمْعٍ , مِثْلُ (شَيْءٍ) ، لَا يُقَالُ: جَاءَنِي فُلَانٌ تَتْرَى، كَمَا لَا يُقَالُ: جَاءَنِي فُلَانٌ مُوَاتَرَةً، وَهِيَ تُنَوَّنُ وَلَا تُنَوَّنُ، وَفِيهَا الْيَاءُ، فَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْهَا فَعْلَى , مِنْ وَتَرْتُ، وَمَنْ قَالَ (تَتْرَا) يُوهِمُ أَنَّ الْيَاءَ أَصْلِيَّةٌ , كَمَا قِيلَ: مِعْزًى بِالْيَاءِ، وَمَعْزَا وَبُهْمَى بِهِمَا , وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَأُجْرِيَتْ أَحْيَانًا , وَتُرِكَ إِجْرَاؤُهَا أَحْيَانًا، فَمَنْ جَعَلَهَا (فَعْلَى) وَقَفَ عَلَيْهَا، أَشَارَ إِلَى الْكَسْرِ، وَمَنْ جَعَلَهَا أَلِفَ إِعْرَابٍ لَمْ يُشِرْ، لِأَنَّ أَلِفَ الْإِعْرَابِ لَا تُكْسَرُ، لَا يُقَالُ: رَأَيْتُ زَيْدًا، فَيُشَارُ فِيهِ إِلَى الْكَسْرِوَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، -[49]- قَوْلُهُ: {§ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} يَقُولُ: «يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا»

الصفحة 48