كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§وَقَوْلُهُ: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: 44] يَقُولُ: كُلَّمَا جَاءَ أُمَّةً مِنْ تِلْكِ الْأُمَمِ الَّتِي أَنْشَأْنَاهَا بَعْدَ ثَمُودَ رَسُولُهَا الَّذِي نُرْسِلُهُ إِلَيْهِمْ، كَذَّبُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا
§وَقَوْلُهُ: {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} [المؤمنون: 44] يَقُولُ: فَأَتْبَعْنَا بَعْضَ تِلْكَ الْأُمَمِ بَعْضًا بِالْهَلَاكِ , فَأَهْلَكْنَا بَعْضَهُمْ فِي إِثْرِ بَعْضٍ
§وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [المؤمنون: 44] لِلنَّاسِ , وَمَثَلًا يُتَحَدَّثُ بِهِمْ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ حَدِيثٍ. وَإِنَّمَا قِيلَ: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [المؤمنون: 44] لِأَنَّهُمْ جُعِلُوا حَدِيثًا , وَمَثَلًا يُتَمَثَّلُ بِهِمْ فِي الشَّرِّ، وَلَا يُقَالُ فِي الْخَيْرِ: جَعَلْتُهُ حَدِيثًا , وَلَا أُحْدُوثَةٌ
§وَقَوْلُهُ: {فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 44] يَقُولُ: فَأَبْعَدَ اللَّهُ قَوْمًا لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِرَسُولِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ -[51]- مُبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} [المؤمنون: 46] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ أَرْسَلْنَا بَعْدَ الرُّسُلِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْرَافِ قَوْمِهِ مِنَ الْقِبْطِ {بِآيَاتِنَا} [البقرة: 39] يَقُولُ: بِحُجَجِنَا، إِلَى فِرْعَوْنَ , وَأَشْرَافِ قَوْمِهِ مِنَ الْقِبْطِ {فَاسْتَكْبَرُوا} [الأعراف: 133] عَنِ اتِّبَاعِهَا , وَالْإِيمَانِ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. {وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} [المؤمنون: 46] يَقُولُ: وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ عَلَى أَهْلِ نَاحِيَتِهِمْ وَمَنْ فِي بِلَادِهِمْ مِنْ بَنَى إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ بِالظُّلْمِ، قَاهِرِينَ لَهُمْ. وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ

الصفحة 50