كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

{قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} [الشعراء: 41] سِحْرِنَا قِبَلَكَ {إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} [الأعراف: 113] مُوسَى قَالَ فِرْعَوْنُ لَهُمْ نَعَمْ لَكُمُ الْأَجْرُ عَلَى ذَلِكَ {وَإِنَّكُمْ إِذًا لِمَنِ الْمُقَرَّبِينَ} [الشعراء: 42] مِنَّا. فَقَالُوا عِنْدَ ذَلِكَ لِمُوسَى {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} [الأعراف: 115] وَتَرَكَ ذِكْرَ قِيلِهِمْ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ خَبَرِ اللَّهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالَ لَهُمْ مُوسَى {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} [يونس: 80] ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ فَ {قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} [يونس: 80] مِنْ حِبَالِكُمْ وَعِصِيِّكُمْ. {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ} [الشعراء: 44] مِنْ أَيْدِيهِمْ {وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ} [الشعراء: 44] يَقُولُ: أَقْسَمُوا بِقُوَّةِ فِرْعَوْنَ وَشِدَّةِ سُلْطَانِهِ، وَمَنَعَةِ مَمْلَكَتِهِ {إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} [الشعراء: 44] مُوسَى
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ. قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ. قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ، فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الشعراء: 46] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ} [الشعراء: 45] حِينَ أَلْقَتِ السَّحَرَةُ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ. {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الأعراف: 117] ، يَقُولُ: فَإِذَا عَصَا مُوسَى تَزْدَرِدُ مَا يَأْتُونَ بِهِ مِنَ الْفِرْيَةِ وَالسِّحْرِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَخَايِيلُ وَخُدْعَةٌ. {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الشعراء: 46] يَقُولُ: فَلَمَّا تَبَيَّنَ السَّحَرَةُ أَنَّ الَّذِيَ جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى حَقٌّ لَا سِحْرٌ، وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ الَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، خَرُّوا لِوُجُوهِهِمْ سُجَّدًا لِلَّهِ، مُذْعِنِينَ لَهُ بِالطَّاعَةِ، مُقِرِّينَ لِمُوسَى بِالَّذِي أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ

الصفحة 569