كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

اللَّهِ أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ مِنَ السِّحْرِ بَاطِلٌ، قَائِلِينَ: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 121] الَّذِي دَعَانَا مُوسَى إِلَى عِبَادَتِهِ دُونَ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: 122]
{§قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} [طه: 71] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: قَالَ فِرْعَوْنُ لِلَّذِينَ كَانُوا سَحَرَتَهُ فَآمَنُوا: آمَنْتُمْ لِمُوسَى بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ فِي الْإِيمَانِ بِهِ {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} [طه: 71] . يَقُولُ: إِنَّ مُوسَى لَرَئِيسَكُمْ فِي السِّحْرِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَكُمُوهُ، وَلِذَلِكَ آمَنْتُمْ بِهِ {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الشعراء: 49] عِنْدَ عِقَابِي إِيَّاكُمْ وَبَالَ مَا فَعَلْتُمْ، وَخَطَأَ مَا صَنَعْتُمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ. قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} [الشعراء: 50] يَقُولُ {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [الأعراف: 124] مُخَالِفًا فِي قَطْعِ ذَلِكَ مِنْكُمْ بَيْنَ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ، وَذَلِكَ أَنْ أَقْطَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى وَالرِّجْلَ الْيُسْرَى، ثُمَّ الْيَدَ الْيُسْرَى وَالرِّجْلَ الْيُمْنَى، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ مِنْ جَانِبٍ ثُمَّ الرِّجْلَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَذَلِكَ هُوَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} [الشعراء: 49] فَوَكَّدَ ذَلِكَ بِأَجْمَعِينَ إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْقٍ مِنْهُمْ أَحَدًا. {قَالُوا لَا ضَيْرَ} [الشعراء: 50] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَتِ السَّحَرَةُ: لَا ضَيْرَ عَلَيْنَا؛ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: قَدْ ضَارَ فُلَانٌ فُلَانًا فَهُوَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَمَعْنَاهُ: لَا ضَرَرَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 570