كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ. وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ. وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ، هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ. فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ , وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: 91] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90] وَأُدْنِيَتِ الْجَنَّةُ وَقُرِّبَتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ اتَّقَوْا عِقَابَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ بِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا، {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} [الشعراء: 91] يَقُولُ: وَأُظْهِرَتِ النَّارُ لِلَّذِينَ غَوَوْا فَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ. {وَقِيلَ} [آل عمران: 167] لِلْغَاوِينَ {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ , مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الشعراء: 92] مِنَ الْأَنْدَادِ {هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ} [الشعراء: 93] الْيَوْمَ مِنَ اللَّهِ، فَيُنْقِذُونَكُمْ مِنْ عَذَابِهِ {أَوْ يَنْتَصِرُونَ} [الشعراء: 93] لِأَنْفُسِهِمْ، فَيُنْجُونَهَا مِمَّا يُرَادُ بِهَا؟
§وَقَوْلُهُ: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94] يَقُولُ: فَرُمِيَ بِبَعْضِهِمْ فِي الْجَحِيمِ عَلَى بَعْضٍ، وَطُرِحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مُنْكَبِّينَ عَلَى وجُوهَهُمْ. وَأَصْلُ كُبْكِبُوا: كُبِّبُوا، وَلَكِنَّ الْكَافَ كُرِّرَتْ كَمَا قِيلَ: {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} [الحاقة: 6] يَعْنِي بِهِ صِرٌّ، وَنَهْنَهَنِي يُنَهْنِهُنِي، يَعْنِي بِهِ: نَهَهَنِي. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: " {§فَكُبْكِبُوا} [الشعراء: 94] قَالَ: فَدُهْوِرُوا "
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، -[598]- قَوْلَهُ: " {§فَكُبْكِبُوا فِيهَا} [الشعراء: 94] يَقُولُ: فَجُمِعُوا فِيهَا "

الصفحة 597