كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52] ، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: (وَأَنَّ) بِالْفَتْحِ، بِمَعْنَى: إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وَأَنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً. فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلَ (وَأَنَّ) فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، عَطْفٌ بِهَا عَلَى (مَا) مِنْ قَوْلِهِ: {بِمَا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 110] ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ، وَيَكُونُ نَصْبُهَا بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ بِالْكَسْرِ: {وَإِنَّ} [البقرة: 23] هَذِهِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَالْكَسْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى الِابْتِدَاءِ هُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الْخَبَرَ مِنَ اللَّهِ عَنْ قَيْلِهِ لِعِيسَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ} [المؤمنون: 51] مُبْتَدَأٌ، فَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ هَذِهِ} [المؤمنون: 52] مَرْدُودٌ عَلَيْهِ عَطْفًا بِهِ عَلَيْهِ؛ فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَقُلْنَا لِعِيسَى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَقُلْنَا: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً. وَقِيلَ: إِنَّ الْأُمَّةَ الَّذِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الدِّينُ وَالْمِلَّةُ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِي قَوْلِهِ: {§وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52] قَالَ: «الْمِلَّةُ وَالدِّينُ»

الصفحة 60