كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 142] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ رُسُلَ اللَّهِ، إِذْ دَعَاهُمْ صَالِحٌ أَخُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَا تَتَّقُونَ عِقَابَ اللَّهِ يَا قَوْمِ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ إِيَّاهُ، وَخِلَافِكُمْ أَمْرَهُ، بِطَاعَتِكُمْ أَمْرَ الْمُفْسِدِينَ فِي أَرْضِ اللَّهِ. {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ} [الشعراء: 107] مِنَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ بِتَحْذِيرِكُمْ عُقُوبَتَهُ عَلَى خِلَافِكُمْ أَمْرَهُ {أَمِينٌ} [الأعراف: 68] عَلَى رِسَالَتِهِ الَّتِي أَرْسَلَهَا مَعِي إِلَيْكُمْ. {فَاتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران: 50] أَيُّهَا الْقَوْمُ، وَاحْذَرُوا عِقَابَهُ {وَأَطِيعُونِ} [آل عمران: 50] فِي تَحْذِيرِي إِيَّاكُمْ، وَأَمْرِ رَبِّكُمْ بِاتِّبَاعِ طَاعَتِهِ. {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الشعراء: 109] يَقُولُ: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى نُصْحِي إِيَّاكُمْ وَإِنْذَارِكُمْ مِنْ جَزَاءٍ وَلَا ثَوَابٍ. {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 109] يَقُولُ: إِنْ جَزَائِي وَثَوَابِي إِلَّا عَلَى رَبِّ جَمِيعِ مَا فِي السَّمَوَاتِ، وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ خَلْقٍ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ. وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 147] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ صَالِحٍ لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُودَ: أَيَتْرُكُكُمْ يَا قَوْمِ رَبُّكُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا آمِنِينَ، لَا تَخَافُونَ شَيْئًا. {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45] يَقُولُ: فِي بَسَاتِينَ وَعُيُونِ مَاءٍ. {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء: 148] يَعْنِي بِالطَّلْعِ: الْكُفُرَّى. -[619]- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ {هَضِيمٌ} [الشعراء: 148] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ الْيَانِعُ النَّضِيجُ

الصفحة 618