كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا، فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً، وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 173] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ أَهْلَكْنَا الْآخَرِينَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ بِالتَّدْمِيرِ. {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} [الأعراف: 84] وَذَلِكَ إِرْسَالُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مِنَ السَّمَاءِ. {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [الشعراء: 173] يَقُولُ: فَبِئْسَ ذَلِكَ الْمَطَرُ مَطَرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ نَبِيُّهُمْ فَكَذَّبُوهُ. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} [البقرة: 248] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي إِهْلَاكِنَا قَوْمَ لُوطٍ الْهَلَاكَ الَّذِي وَصَفْنَا بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَنَا، لَعِبْرَةً وَمَوْعِظَةً لِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ يَتَّعِظُونَ بِهَا فِي تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ وَرَدِّهِمْ عَلَيْكَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ مِنَ الْحَقِّ {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 8] فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 9] بِمَنْ آمَنَ بِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 177] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} [الشعراء: 176] . وَالْأَيْكَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، وَهِيَ وَاحِدَةُ الْأَيْكِ، وَكُلُّ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَيْكَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الكامل]
تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ ... بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُهُ بِالْإِثْمِدِ
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ: هُمْ أَهْلُ مَدْيَنَ فِيمَا ذُكِرَ

الصفحة 632