كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ , فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ: {رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الشعراء: 188] يَقُولُ: بِأَعْمَالِهِمْ هُوَ بِهَا مُحِيطٌ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِهَا جَزَاءَكُمْ. {فَكَذَّبُوهُ} [الأعراف: 64] يَقُولُ: فَكَذَّبَهُ قَوْمُهُ {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] يَعْنِي بِالظُّلَّةِ: سَحَابَةً ظَلَّلَتْهُمْ، فَلَمَّا تَتَامُّوا تَحْتَهَا الْتَهَبَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا وَأَحْرَقَتْهُمْ، وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فِي قَوْلِهِ: {§فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] قَالَ: «أَصَابَهُمْ حَرٌّ أَقْلَقَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ، فَنَشَأَتْ لَهُمْ سَحَابَةٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَابْتَدَرُوهَا، فَلَمَّا تَتَامُّوا تَحْتَهَا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ»
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، فِي قَوْلِهِ: {§عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] قَالَ: «كَانُوا يَحْفُرُونَ الْأَسْرَابَ لِيَتَبَرَّدُوا فِيهَا، فَإِذَا دَخَلُوهَا وَجَدُوهَا أَشَدَّ حَرًّا مِنَ الظَّاهِرِ، وَكَانَتِ الظُّلَّةُ سَحَابَةٌ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثني جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ قَتَادَةَ، يَقُولُ: " §بُعِثَ شُعَيْبٌ إِلَى أُمَّتَيْنِ: إِلَى قَوْمِهِ أَهْلِ مَدْيَنَ، وَإِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ. -[638]- وَكَانَتِ الْأَيْكَةُ مِنْ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ؛ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَرًّا شَدِيدًا، وَرَفَعَ لَهُمُ الْعَذَابَ كَأَنَّهُ سَحَابَةً؛ فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُمْ خَرَجُوا إِلَيْهَا رَجَاءَ بَرْدِهَا، فَلَمَّا كَانُوا تَحْتَهَا مَطَرَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا. قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] "

الصفحة 637