كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

أَعْجَمُ، وَلِلْمَرْأَةِ: هَذِهِ امْرَأَةٌ عَجْمَاءُ، وَلِلْجَمَاعَةِ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُجْمٌ وَأَعْجَمُونَ، وَإِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى وُصِفَ بِهِ الْعَرَبِيُّ وَالْأَعْجَمِيُّ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي أَنَّهُ غَيْرُ فَصِيحِ اللِّسَانِ، وَقَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل]
مِنْ وَائِلٍ لَا حَيَّ يَعْدِلُهُمْ ... مِنْ سُوقَةٍ عَرَبٌ وَلَا عُجْمُ
فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهِ نِسْبَةَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْلِهِ مِنَ الْعَجَمِ، لَا وَصَفَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ فَصِيحِ اللِّسَانِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ عَجَمِيُّ، وَهَذَانِ رَجُلَانِ عَجَمِيَّانِ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُجْمٌ، كَمَا يُقَالُ: عَرَبِيُّ، وَعَرَبِيَّانِ، وَقَوْمٌ عُرْبٌ. وَإِذَا قِيلَ: هَذَا رَجُلٌ أَعْجَمِيُّ، فَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ لَلْأَحْمَرِ: هَذَا أَحْمَرِيُّ ضَخْمٌ، وَكَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:
[البحر الرجز]
وَالدَّهْرُ بِالْإِنْسَانِ دَوَّاريُّ
وَمَعْنَاهُ: دَوَّارٌ، فَنَسَبَهُ إِلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا إِلَى جُنُبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ بِعَرَفَةَ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ , فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 199] ، قَالَ: " §لَوْ نَزَلَ عَلَى بَعِيرِي هَذَا فَتَكَلَّمَ بِهِ مَا آمَنُوا بِهِ {لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: 44] حَتَّى يَفْقَهَهُ عَرَبِيٌّ -[647]- وَعَجَمِيٌّ، لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ "

الصفحة 646