كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} [الشعراء: 198] فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَالَ: «§جَمَلِي هَذَا أَعْجَمُ، فَلَوْ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ»
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {§وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} [الشعراء: 198] قَالَ: «لَوْ نَزَّلَهُ اللَّهُ أَعْجَمِيًّا كَانُوا أَخْسَرَ النَّاسِ بِهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ بِالْعَجَمِيَّةِ» وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّهُ وَجْهُ الْكَلَامِ أَنَّ مَعْنَاهُ: وَلَوْ أَنْزَلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا، وَإِنَّمَا التَّنْزِيلُ {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} [الشعراء: 198] يَعْنِي: وَلَوْ نَزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ عَلَى بَهِيمَةٍ مِنَ الْعَجَمِ أَوْ بَعْضِ مَا لَا يُفْصِحُ، وَلَمْ يَقُلْ: وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا. فَيَكُونَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ مَا قَالَهُ.
§وَقَوْلُهُ {فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ} [الشعراء: 199] يَقُولُ: فَقَرَأَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى كُفَّارِ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ حَتَّمْتُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا ذَلِكَ الْأَعْجَمَ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ. يَقُولُ: لَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا بِهِ، لِمَا قَدْ جَرَى لَهُمْ فِي سَابِقِ عِلْمِي مِنَ الشَّقَاءِ، وَهَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْمِهِ، لِئَلَّا يَشْتَدَّ وَجْدُهُ بِإِدْبَارِهِمْ

الصفحة 647