كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: " {§كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200] قَالَ: خَلَقْنَاهُ "
قَالَ: ثنا زَيْدٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ فِي بَيْتِ أَبِي خَلِيفَةَ، عَنْ قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200] ، قَالَ: «§الشِّرْكَ سَلَكَهُ فِي قُلُوبِهِمْ»
§وَقَوْلُهُ: {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الشعراء: 201] يَقُولُ: فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ لِئَلَّا يُصَدِّقُوا بِهَذَا الْقُرْآنَ، حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، كَمَا رَأَتْ ذَلِكَ الْأُمَمُ الَّذِينَ قَصَّ اللَّهُ قَصَصَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَرَفَعَ قَوْلَهُ {لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] لِأَنَّ الْعَرَبَ مِنْ شَأْنِهَا إِذَا وَضَعَتْ فِي مَوْضِعٍ مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ «لَا» رُبَّمَا جَزَمَتْ مَا بَعْدَهَا، وَرُبَّمَا رَفَعَتْ فَتَقُولُ: رَبَطْتُ الْفَرَسَ لَا تَنْفَلِتْ، وَأَحْكَمْتُ الْعِقْدَ لَا يَنْحَلُّ، جَزْمًا وَرَفْعًا. وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: إِنْ لَمْ أَحْكُمِ الْعِقْدَ انْحَلَّ، فَجَزْمُهُ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَرَفْعُهُ بِأَنَّ الْجَازِمَ غَيْرُ ظَاهَرٍ.

الصفحة 649