كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " {§وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةَ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ. ذِكْرَى} [الشعراء: 209] قَالَ: الرُّسُلُ "
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَوْلُهُ: " {§ذِكْرَى} [الشعراء: 209] قَالَ: الرُّسُلُ "
§قَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الشعراء: 209] يَقُولُ: وَمَا كُنَّا ظَالِمِيهِمْ فِي تَعْذِيبِنَاهُمْ وَإِهْلَاكِهِمْ، لَأَنَّا إِنَّمَا أَهْلَكْنَاهُمْ، إِذْ عَتَوْا عَلَيْنَا، وَكَفَرُوا نِعْمَتَنَا، وعَبَدُوا غَيْرَنَا بَعْدَ الْإِعْذَارِ عَلَيْهِمْ وَالْإِنْذَارِ وَمُتَابَعَةِ الْحُجَجِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلُوهُ، فَأَبَوْا إِلَّا التَّمَادِي فِي الْغَيِّ.
§وَقَوْلُهُ: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: 210] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهَذَا الْقُرْآنِ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّهُ يُنَزَّلُ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. {وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ} [الشعراء: 211] يَقُولُ: وَمَا يَنْبَغِي لِلشَّيَاطِينِ أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمْ ذَلِكَ. {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: 211] يَقُولُ: وَمَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَى اسْتِمَاعِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ , {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 212]-[653]- يَقُولُ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ عَنْ سَمْعِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ لَمَعْزُولُونَ، فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَنَزَّلُوا بِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

الصفحة 652