كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: " {§وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: 210] قَالَ: هَذَا الْقُرْآنُ. وَفِي قَوْلِهِ {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 212] قَالَ: عَنْ سَمْعِ السَّمَاءِ ". حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ سَمْعِ الْقُرْآنَ. وَالْقُرَّاءُ مُجْمِعَةٌ عَلَى قِرَاءَةِ {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: 210] بِالتَّاءِ وَرَفْعِ النُّونِ، لِأَنَّهَا نُونٌ أَصْلِيَّةٌ، وَاحِدُهُمْ شَيْطَانٌ، كَمَا وَاحِدُ الْبَسَاتِينِ بُسْتَانٌ. وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ) بِالْوَاوِ، وَذَلِكَ لَحْنٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا عَنْهُ، أَنْ يَكُونَ تَوَهُّمَ أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ , وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 214]-[654]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَلَا تَدْعُ} [الشعراء: 213] يَا مُحَمَّدُ {مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الحجر: 96] أَيْ لَا تَعْبُدْ مَعَهُ مَعْبُودًا غَيْرَهُ {فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} [الشعراء: 213] فَيَنْزِلُ بِكَ مِنَ الْعَذَابِ مَا نَزَلَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرَنَا وعَبَدُوا غَيْرَنَا.

الصفحة 653