كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

وَتَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَغْلَبِ أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهِهِ إِلَى الْأَنْكَرِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: تَتَقَلَّبُ فِي أَبْصَارِ السَّاجِدِينَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ، فَلَيْسَ ذَلِكَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعَانِيهِ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ إِلَى صَلَاتِكَ، وَيَرَى تَقَلُّبَكَ فِي الْمُؤْتَمِّينَ بِكَ فِيهَا بَيْنَ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبِّكَ هُوَ السَّمِيعُ تِلَاوَتَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَذِكْرَكَ فِي صَلَاتِكَ مَا تَتْلُو وَتَذْكُرُ، الْعَلِيمُ بِمَا تَعْمَلُ فِيهَا وَيَعْمَلُ فِيهَا مَنْ يَتَقَلَّبُ فِيهَا مَعَكَ مُؤْتَمًّا بِكَ، يَقُولُ: فَرَتِّلْ فِيهَا الْقُرْآنَ، وَأَقِمْ حُدُودَهَا، فَإِنَّكَ بِمَرْأَى مِنْ رَبِّكِ وَمَسْمَعٍ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} [الشعراء: 222] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} [المائدة: 60] أَيُّهَا النَّاسُ {عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: 221] مِنَ النَّاسِ؟ {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ} [الشعراء: 222] يَعْنِي كَذَّابٍ بَهَّاتٍ {أَثِيمٍ} [البقرة: 276] يَعْنِي: آثَمٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، -[671]- فِي قَوْلِهِ: " {§كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 222] قَالَ: كُلِّ كَذَّابٍ مِنَ النَّاسِ "

الصفحة 670