كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 17)

عَلَى قِرَاءَتِهِمْ: قُلْ: مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ؟ سَيَقُولُونَ: رَبُّ ذَلِكَ اللَّهُ. فَلَا مُؤْنَةَ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ فِي هَذَا وَالَّذِي يَلِيهِ بِغَيْرِ أَلِفٍ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ} لِمَنِ السَّمَوَاتُ؟ لِمَنْ مُلْكُ ذَلِكَ؟ فَجَعَلَ الْجَوَابَ عَلَى الْمَعْنَى، فَقِيلَ: لِلَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَنْ مُلْكِ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ؟ قَالُوا: وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ قَائِلٍ لِرَجُلٍ: مَنْ مَوْلَاكَ؟ فَيُجِيبُ الْمُجِيبُ عَنْ مَعْنَى مَا سُئِلَ، فَيَقُولُ: أَنَا لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ بِذَلِكَ مِنَ الْجَوَابِ مَا هُوَ مَفْهُومٌ بِقَوْلِهِ: مَوْلَايَ فُلَانٌ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَذْكُرُ أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَامِرٍ أَنْشَدَهُ:
[البحر الوافر]
وَأَعْلَمُ أَنَّنِي سَأَكُونُ رَمْسًا ... إِذَا سَارَ النَّوَاجِعُ لَا يَسِيرُ
فَقَالَ السَّائِلُونَ لِمَنْ حَفَرْتُمْ فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ لَهُمْ وَزِيرُ فَأَجَابَ الْمَخْفُوضَ بِمَرْفُوعٍ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَقَالَ السَّائِلُونَ: مَنِ الْمَيِّتُ؟ فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ: الْمَيِّتُ وَزِيرٌ؛ فَأَجَابُوا عَنِ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِهِمَا عُلَمَاءٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. غَيْرَ أَنِّي مَعَ ذَلِكَ أَخْتَارُ قِرَاءَةَ جَمِيعِ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَلِفٍ، لِإِجْمَاعِ خُطُوطِ مَصَاحِفِ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ سِوَى خَطِّ مُصْحَفِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ -[100]- يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: مَنْ بِيَدِهِ خَزَائِنُ كُلِّ شَيْءٍ؟

الصفحة 99